
هل أصبح السودان مكبًا عالميًا للنفايات الخطرة في ظل الحرب؟
كيميائي د.اسامه سيداحمد حسين/ مركز تدبر للبحث العلمي
مدخل استفتاحي:
تكتب المبدعه الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة..
مبرمجة مصائبنا بحذق
بعذر او بلا عذر تصيب
فبدءا من فلسطين استباحوا كرامتنا .. وذللت الدروب
ومن لم يمثل للذل طوعا
تطوعه بالتها الحروب
تتابع موكب الهجرات.. حتي تفرقت المنازل والقلوب
فلا من بالشمال له أمان
ولا سلمت بمن فيها الجنوب.
………………… ……..
.في ظل الحرب المستعرة المستمرة الممنهجة في السودان وانهيار النظام الرقابي والاقتصادي، توجد مخاوف جدية من تحول السودان إلى وجهة لتجارة النفايات الدولية الخطرة، بما في ذلك الملوثات العضوية الثابتة (POPs) والنفايات الإلكترونية والكيميائية. وهذه بعض العوامل التي تزيد من هذا الخطر:
1. عوامل تجعل السودان عرضة لاستقبال النفايات الخطرة:-
أ. انهيار الرقابة الحكومية والأمنية :-
– غياب سلطة مركزية قوية يؤدي إلى ضعف الرقابة على الموانئ والمطارات والحدود المترامية الاطراف.
– تضخم الفساد وشبكاته وتوافر السماسرة والمتعاونين من السياسين داخل وخارج الحكم وضعف الإنفاذ القانوني يجعل من السهل تهريب النفايات تحت غطاء تجاري أو مساعدات إنسانية.
ب. الموقع الجغرافي والقرب من طرق التهريب:
– السودان له حدود مفتوحة مع دول تعاني من عدم الاستقرار (تشاد، ليبيا، إفريقيا الوسطى جنوب السودان)، مما يجعله جزءًا من شبكات تهريب النفايات الإفريقية والعربيه والاوربيه.
– بعض الموانئ السودانية (مثل بورتسودان) قد تستغل لتفريغ شحنات غير مشروعة.
ج. الحاجة المالية للجماعات والمليشيات المتصارعه وعصابات تهريب السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر.
– قد تقبل بعض الأطراف المتورطة في النزاع صفقات سرية لاستيراد أو دفن نفايات خطرة مقابل أموال او تسهيلات مغريه.
– هناك تقارير موثقة عن تهريب نفايات إلكترونية (E. Wastes) إلى أفريقيا عبر دول تعاني من اضطرابات و حروب داخلية.
2. أدلة على وجود مخاطر استقبال النفايات الخطرة:-
-في عام 2020، كشفت تقارير عن محاولات تهريب نفايات إيطالية إلى السودان عبر مصر.
-نفايات إلكترونية مستوردة:-
– (أجهزة كهربائية مستعملة تحتوي على معادن ثقيلة) تصل إلى السودان عبر تجار غير نظاميين.
– غياب مراكز معالجة النفايات الخطرة يجعل أي نفايات مستوردة تدفن أو تحرق عشوائيًا، مما يسبب تلوثًا خطيرًا.
3. الآثار المحتملة إذا تحول السودان إلى مكب للنفايات:-
أ. تلوث بيئي طويل الأمد:
– تسرب الديوكسينات والمواد الكيميائية إلى التربة والمياه الجوفية.
– تدمير النظم الزراعية والرعوية.
ب. مخاطر صحية كارثية:
– انتشار السرطانات والأمراض التنفسية بسبب الحرق العشوائي للنفايات.
– تسمم مصادر المياه والغذاء نتيجة طمر النفايات المستجلبه من الخارج.
ج. انتهاك الاتفاقيات الدولية:-
– انتهاك اتفاقية بازل Basel Convention (التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الدول) والسودان عضو بالاتفاقية وقد كان كاتب المقال نقطة الاتصال الدولية بالسودان Focal Point.
– انتهاك اتفاقية ستوكهولم Stokholm Convention (الحد من الملوثات العضوية الثابتة). السودان عضو فعال بالاتفاقية.. وقد كان كاتب المقال أيضا نقطة الاتصال الدولية ممثلا السودان.
4. ما الذي يمكن فعله؟
-تعزيز الرقابة على الحدود والموانئ بمساعدة دولية.
-إنشاء نظام رصد للنفايات الخطرة بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات البيئية.
-إعادة تكوين وزارة البيئة والموارد الطبيعية .
-توعية المجتمع المحلي بمخاطر النفايات المستوردة.
-ضغط دولي على الشركات والدول التي قد تستغل الأزمة لتصدير نفاياتها.
الخلاصة:
في ظل الحرب وضعف الرقابة، هناك خطر حقيقي من تحول السودان إلى مقبرة للنفايات الدولية الخطرة، مما سيزيد من الكارثة الإنسانية والبيئية. التحرك العاجل محليًا ودوليًا ضروري لمنع وقوع هذه الكارثة.