الأعمدةحاجب الدهشة

المشتركة فووق والسلطة حق ..

حاجب الدهشة

 علم الدين عمر

…واهم من يظن أن حرب السودان الوجودية الحالية نشبت فجأة ذات صباح أغبر في أبريل من العام الماضي..هذه حرب جري الترتيب لها علي مرأي ومسمع العالم منذ سنوات طويلة ..كل مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية وغيرها ظلت تتحدث في كل المنابر ولعشرات السنين عن تفكيك السودان وتقسيمه ..كان الجميع ينفضون جمرة الحرب هذه عنهم تأجيلاً لها ..حتي أطل علي الناس زمان تاهت فيه الدولة السودانية وتماهت نخبها مع المؤامرة وأعلنت ساعة الصفر ..نشبت الحرب ولم تكن مليشيات الدعم السريع إلا مخلب القط لشرارة الحرب الشاملة التي وفرت لها إرادة التخطيط والتدبير كل معينات الميدان السياسية والمجتمعية والمادية ..صمت العالم حتي سميت بحرب السودان المنسية في دهاليز الضمير الإنساني الدولي ..

سميت المنسية لأنهم تواضعوا علي وصفها بحرب الجنرالات علي السلطة وأنخدعت بذلك حتي الشعوب الشقيقة والصديقة.

سميت بالمنسية لأن المؤامرة حولها أحكمت حلقات الإحاطة بحيث تشتعل من المسافة صفر في كل تفاصيلها فأنزلقت فيها قبائل وجهويات كاملة ..وفُتن أهل السودان في بداياتها حتي أختلط علي الناس حقها بباطلها ..

حتي أستبان ضُحي الوطن حينما أشرقت شمس المشتركة التي أستعادت توازنها وأعادت للحرب توصيفها ..

المشتركة التي عُرفت بين السودانيين لاحقاً بالخط الفاصل بين الحق والباطل ..المشتركة التي ما تركت لأهل السودان حجة وهي تُعمل كل جهدها بداءاً من الحياد .. مروراً بالجهد السياسي والمجتمعي وليس نهاية ً بالدخول العاصف القوي في حرب الكرامة وقلب موازين المعركة في ميدانها الأكثر تأثيراً في دارفور وأنتشارها إلي جانب الجيش وتحت إمرته في كل محاور القتال..

راهنت المؤامرة علي هشاشة موقف الحركات المسلحة وسرعة ذوبانها في خطة التدمير الممنهج للسودان ففاجأتهم بوطنيتها الباذخة وتجاوزها لإطار المطالب الضيقة وأنفتاحها علي القومية السودانية وأستعدادها للتماهي مع البرنامج الوطني السوداني لإستعادة الدولة السودانية والحفاظ علي نسيج المجتمع السوداني.

قدمت القوات المشتركة درسها بجانب السياسيين وقادة المجتمع الذين تساموا علي جراحات الحرب والنزوح واللجؤ والتشظي في دارفور والنيل الأزرق وأثبتوا أن الوطنية ليست مجرد شعارات ترفعها البنادق (وقدومها العفن) في ميادين القتال ولا مزايدات يرفعها العملاء والمأجورين وأرباب الغبائن علي طاولات الخيانة .

إلي ذلك ..يقيني أن أي برنامج مطلبي أو سياسي لا يرنو للسلطة والمشاركة في إدارة البلاد هو برنامج فاشل وغير جدير بالإحترام.

من حق كل سياسي أن يصمم برنامجه علي الوصول الآمن للسلطة ليتمكن من إنفاذه وإلا عُد من سقط المتاع .

القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والقوات النظامية الأخري قامت بعملها كاملاً في تحطيم برنامج المؤامرة علي السودان علي جبال راسيات من البسالة والشجاعة والإقدام والتضحيات ..وأفشلت مراهنة الذين أشعلوا هذه الحرب علي عدم إتفاق السودانيين علي الحد الأدني من الثوابت الوطنية وهي تعيد ترتيب المشهد المجتمعي وتجوب بجنودها وقادتها وعدتها وعتادها أصقاع السودان ..ويتحرك سياسيوها داخل وخارج السودان بمسؤولية كاملة ومتقدمة لصالح الدولة والشعب السوداني بلا من ولا أذي.

لا مجال لدق أسفين بين السودانيين في قلب المعركة فقد أوشكت النهايات .

ولا بأس من التدافع السياسي مهما علت حدته فالجميع شركاء في إدارة أمر هذه البلاد التي كادت ريح التفكيك أن تعصف بها لولا أن تداركتها رحمة الله بعزيمة الرجال وصمود النساء وتوافق الشعب وألتفافه حول قواته المسلحة…مشتركةً ومنفردة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى