يااااللعار …كيف نفكر
حاجب الدهشة
علم الدين عمر
..وبالأمس في حضرة أستاذنا الكبير حسين خوجلي..أحد أبرز الإعلاميين السودانيين والعرب علي مر تاريخ هذه المهنة .. وعلي أسنة الشجن الأليم ..وطعم الأسي ..وغُصة النزوح وضياع الأمل كانت لنا جلسة مدارسة وقد أرخي شتاء النفس الكسيرة سدوله علي الأرائك قبل الطقس والمناخ ..وهي جلسة نعود لها غداً إن شاء الله..
حكي الأستاذ قصة السوداني ود أبوروف الذي لجأ لإحدي الدول الأوربية في زمان مضي من عمر الأزمات المكرور في بلادنا وقد تقطعت به السبل ولما لم يجد من العمل ما يقيه شر التسكع في حانات الأماني في تلك البلاد الباردة الغريبة هداه تفكيره لتصميم لافتة قماشية بعبارة وحيدة (يااااللعار) ..وأتخذها مطية للخروج في كل مظاهرة أو تجمع داعم أو قادح في أي فكرة أو مشروع ..إن خرج الناس منتقدين أداء البلدية أو مطالبين بحقوق الأقلية أو المثلية أو منددين بمواقف القادة والزعماء أو مشيدين بها خرج ود ابوروف بلافتته (ياااللعار) ..تعبر عن كل شيئ وكل أحد فلا تفهمها مع أو ضد الفكرة..وشاد لنفسه بها مجداً ووجوداً لا تتجاوزه الفضائيات ولا المجتمعات ..
ومثل ود أبوروف في المشهد السوداني القوي السياسية والمدنية لا تنتج فعلاً يتجاوز لافتة ود أبوروف هذه ..ترفعها في وجه الناس والأحداث وتظن أن هذه المساهمة السياسية الأفضل والأمثل ..
الساحة بحاجة لتفكير وتدبير حقيقي مثلما ذكر وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة الدكتور جبريل إبراهيم بالأمس وهو يتجاوز حساسية مناقشة ملفات الدولة علي طاولات الإجتماعات ..فنحن الآن أحوج ما نكون لنقاش مستفيض وتفكير مفتوح ننتج من خلاله أفكاراً لها سيقان وآليات ورؤي حول مستقبل الحكم والسلطة في السودان ..لابد من مناقشة موضوعات أساسية مثل الديموقراطية كيف تكون وما هي النظرية المثالية للتدافع السياسي في سودان ما بعد الحرب..ولماذا الجمود في التعاطي مع مثل هذه الملفات ؟ وهل الأحزاب الموجودة في الساحة الآن لديها قدرة وقيادات ومفكرين قادرين علي التنظير بعيداً عن يوميات الحرب و البرامج اللاهثة خلف المقاعد والطاولات…
في تقديري أن دور الأحزاب حالياً هي مجرد مضافات وتكايا باردة (لطق الحنك) ولا تنتج أي منتج لصالح الدولة والمجتمع السوداني في الحرب وبعدها ..ومن مفارقات هذا المشهد أن الجيش والحركات المسلحة التي تقاتل معه في هذه المعركة باتت أكثر قدرة علي إنتاج الأفكار وفتح مساحات العمل السياسي من هذه الأحزاب ..
وهي بذلك تمتلك الفرصة الأكبر والأفضل للتحول لأجسام سياسية كاملة التفاصيل والرؤي وتستطيع أن تتحاور وتتفاكر مع الجميع بالداخل والخارج ..ومع المجتمعات المحلية لإدارة حوار وطني شامل ومتقدم يطرح قضايا إستراتيجية مثل المصالحات و شكل الحكم وأقتسام السلطة والثروة علي طاولة التفكير والتدبير ..بينما تكتفي القوي التقليدية بلافتة يااااللعار.